كتب : أحمد بكر سليم
راح يئن على زمن ولى ، على نفوس طيبة اندثرت ، على عصر بات فيه المثقف كزهرة تتفتح فى عصر الفنان ( فاروق حسنى ) وزير الثقافة ، الذى ظلمه الكثيرون .. وانا واحد منهم .. كنا صغار لا نعى معنى وجود الكبار فى حياتنا .. الفنانيين المثقفين بحق الله هم من غابوا عنا باجسادهم ، وبقيت سيرهم كنور يفتح بيبان الحديد فى سجونا ..!!
مرت السنين على رحيل رجل من خيرة مثقفين مصر ، والوطن العربى .. انه الدكتور ( سمير سرحان ) رئيس هيئة الكتاب المصرية ، الذى تبنى المبدعين من الشباب وكان الشاعر سعدنى السلامونى واحدا منهم ..!
خرج علينا الدكتور ( سرحان ) بأهم مشروع ثقافى فى التاريخ وهو ( مكتبة الأسرة ) التى أصدرت الاف الكتب لكبار الكتاب من انحاء العالم ..!
واليوم شعر الشاعر بقفدان المثل والقيمة ، بغياب الأب الروحى لكل مبدعى مصر من أقصاها إلى اقصاها ..!
كان عصره ملىء بالأمل بالعطاء ، ينذر بوجود العقل التنويرى ، والفكر المتقدم المتحرر من كل غاية ، مؤمنا بكل كلمة تكتب بوعى صادق ن وضمير حى ، بمسؤلية الأديب المخلص ، والمفكر الحالم على أرض يغزوها الشوك ..!
اليوم يبكى ( السلامونى ) هذا الرحل الذى كان يوقظه من عز نومه فى الساعات الاخيرة من الفجر .. اتذكر ليلة كنا نقضى سهرتنا فى ( الجريون ) وشرب السعدنى حتى الثمالة ، وخرج من توه منطلقا الى كبينه التليفون ابو كارت أخضر الملصقة على جدران أحدى مبانى ( ميدان التحرير ) وقام بالأتصال بالدكتور ( سمير سرحان ) كان السعدنى ثمل إلى حد كبير ، لكنه يعى مايقول ، ويعرف ماذا سيقول ، وعن ماذا سيتحدث .. قال عبر كلماته الممزوجة بالدمع مخاطبا الطرف الآخر الذى سمعه وهو يتثاوب فى ضيق وتململ ، لكنه لا يقوى على غلق هاتفه المحمول فقال .. خير ياسعدنى ؟
الساعة كام فى ايدك دلوقتى ؟
أجاب السعدنى : انا مايفرقش معايا زمان ولا مكان .. أنا لا اشعر بالزمان ولا المكان .. لكنى أشعر بشيىء يدفعنى الى الأنتحار .. أفاق ( سرحان ) من نومه واندفع من مرقده المؤقت واثبا مخضوضا ، مفزوعا قائلا فى أستغراب ممزوجةبالدهشة :
ليه عايز تنتحر ياسلامونى ؟ وتنتحر دلؤقتى طب خليها بالنهار عشان نقدر نلحقك ..!!
قال له سعدنى :
اشعر بالظلم يقتلنى بالأهمال يحرقنى بجاز أسود ، بفقدان الذات ..! انا أتآلم يادكتور من حرب تكسير العظام التى تؤذينى .. من عصابة تريد قتلى ..!
قاطعه الدكتور سرحان .. يا سعدنى طب قولى طلباتك ايه ياحبيى .. ؟
أجاب سعدنى .. ديوانى لحد دلؤقتى ماانطبعش يادكتور انتم عايزين تموتونى وتقضى على مشروعى ..!
واختتم سرحان حديثه الى سعدنى السلامونى بوعد قطعه على نفسه .. بأنه سيعطى تعليماته النافذة بطبع ديوانه فى غضون 24 ساعة ..!
هذا هو الدكتور سمير سرحان وآحد مواقفه النسانية النبيلة تجاه المثقفيين المقهوريين ..!
فجاءت كلمات سعدنى بمثابة موسوعة تأبين لرجل كان من اهم محطات حيات الشاعر الصعلوك .. صاحب افخم قصر على الرصيف الثانى ..!
فكتب يقول :
من 15 عام فى مثل هذا اليوم. احتجت 5 تلاف جنيه للاستلام شقتى وكان المبلغ كبيييير جدا على اى حد. توجهت الى هذا العظيم. كان رئيس الهيئة العامة للكتاب بمليون وزير ثقافة ووزير. كان اب وجد وطفل. شرحت له موقفى راحت يده تشق طريقها الى جرد مكتبه لتخرج بالمبلغ. انتفضدت وقلت لا يعمنا انا مش متسول انا عايز فلوس من عرق قلمى قال مش فاهم قلت عايز انشر ديوان وتدينى المبلغ الان. وعلى الفور كتب العقد واخذت المبلغ واستلمت شقتى.وامر بنشر الديوان فورا. ونزل الديوان وكان له صدى عظيم وفجأة هاتفنى مولانا سمير سرحان وقال تعلالى فورا. توجهت اليه ولقيت كل هيئة الكتاب مشدودة
قال ديوانك اتصادر
ديوانى كان اسمه وديعه فى البنك فتحت نار فيه على الجميع ولم يقرأه قبل النشر مولانا كانت مشكلة استلام الشقة عنده اهم من اى شىء
ديوانك اتصادر
قلت اللى تشوفه معاليك انت ابونا كلنا
قال يعنى انت عايز ايه من الديوان
قلت شوية نسخ
امر بأعطائى 300 نسخه خطفتهم وطرت على معرض الكتاب. جاء الى صحفى وقال ديوانك متصادر وعايزين نعمل خبر قلت اسف لم يصادر ديوانى ديوانى كل نسخه فى حقيبتى. وبعد سنوات لقيت الديوان بالاسواق
اقول هذا لكل من يدعى المصادرة مصادرة كتاب كلمه كبييييييييره اكبر من الكاتب والدولة والدول. وانا احمل لقب ميت ولا احمل لقب مصادر
الفاتحة
الفاتحة لروح هذا العظيم الاب الروحى لكل الاجيال رحمك الله يا اجمل وارق اب اجمل وارق صديق
رحمك الله وادخلك جناته