أحمد بكر سليم يكتب : حياة “صبرى نخنوع ” فى الزنزانة يوميات تنشر لآول مرة .!

 

 

أخبار الشرق الأوسط :

يصعب على اى شخص ، ان يفك طلاسم .. بل هو الصعب كل الصعب ، ان يصف المعلم ” صبرى نخنوخ ” الا عن قرب ..!

لقد منحتنى الصدفة القدرية ان اقترب منه .. بل وسنحت لى الفرصة ان اكتب له حكايته ، قصته ، ( ليلة القبض على نخنوخ ) ..!

كنت اعرفه من 20 عاماً أسماً فقط .. حينما كنت اجول دائرة ( بولاق أبو العلا ) ايام الأنتخابات البرلمانية .. كنت بالطبع قريب من سيادة اللواء المحترم ( بدر القاضى ) نائب الدائرة الرجل البرلمانى الشعبى المحبوب رحمه الله  ..رأيت اكثر من مرة ( المعلم ) لكنى لم اتحدث إليه مطلقاً ..!

ومرت السنين تلو الآخرى .. لأصادفه فى سجن ( طرة تحقيق ) فى بداية العام 2014 لقد عرفنى قبل ان اعرفه وهذا من عبقرية الشخصية وذاكرته الفولاذية  .. بصفته معلم العنبر .. بل معلم السجن كله .. وهذه هى عادته لآبد ان تعرض عليه تذاكر المساجين الجدد ( الأيراد ) .. الحق انى ذهلت حينما راح يزرع كرمه حولى .. وارسل لى مايستطيع من سجائر ودعم انسانى لا حدود له .. اتانى ( أحد المساجين ) وقال لى انت الصحفى ..؟

قولت نعم ..

قال :  المعلم بيمسى عليك ..!

قولت : معلم مين هو هنا فى معلمين .؟

قال : صبرى نخنوخ .. !

وهذة عادته ان يرحب بكل بلدياته من القاهرة والأسكندرية والجيزة .. بل من كل ربوع مصر .. وجدته كريم وجدع ولا يبخل على آحد ,, فكان القلب الكبير والصدر الواسع الذى يتسع الدنيا بناسها و يحنو على الكل وهذة هى خصاله وتركيبته البشرية  .. !

لقد ذهلت مما يفعله .. اقتربت منه لأول مرة فأدهشتنى اخلاقه ،  وكرمه  ، وهدوء اعصابه  ، وثقته بنفسه ، وإيمانه بتاريخه .. كيف ..؟!!

وهو الذى حكم عليه ب 28 عاماً سجن ، وظلمه الأخوان وراحوا ينتقمون منه حينما ركبوا السلطة فوراً .. !

لكنه كان آسد ،  وقوى  ، ولم ينكسر ابداً ..  ولم يذرف الدمع السخين على الحرية  ، بل كانت الحرية تعيش بداخله ، فى ليله ونهاره ، فى صحوه ومنامه ..!

كان على ان اقترب منه لأفتح كنوزه ، وخزائنه  ، وكى اتعرف على الرجل الذى ملاء الدنيا بصيته ومغامراته ، ومواقفه البطوليه التى لا يعرفها الا المقربين  .. كنت اتخيله انه غول كما يقولون عنه .. لكنى وجدت انسان لم اصادفه من قبل ..! رأيت الخجل والأحترام واحساسه القوى انه بنى ادم عادى جداً وكل مايقال عليه لهو من ضرب الخيال .!

كان يجلس بجوار زنزانته بعد الظهر كالملك المتوج ، بعد ان يتم  ( لم العنبر  ) وأدخال كل المساجين إلى زنازينهم  من قبل الحراس والشاويشية والمخبرين .. ويبقى هو يتأمل الجدران ، ويتذكر ايامه الخوالى ، ويسبح فى سماء ربنا بهدور اعصاب وبثقة فى الله .. وان الله هو القادر على فك كربه ..!

كان لزاماً على ان لا افوت الفرصة على نفسى ، كصحفى يبحث عن الحقيقة .. ويبحث عن المعلومة ، بل ويصنع الخبر ان وجدطريقاً له ..!

وذات صباح فاتحته فى كتابة قصته .. ربما تكون معين له فى الخروج من السجن ، لكنه رفض فى البداية ، لكنى اقنعته بمرور الأيام وبعد ان تأكد من كونى ( صحفى بمعنى الكلمة ) خاصة وانه من رجال الأعمال الذين اصدروا الصحف ويعى جيداً مواصفات الصحفى وخصاله ويعرفه بذكاء من حديثه .. لم يكن المعلم سطحى الفكر .. بل كان مفكراً ومثقفاً ويقرأ كثيراً طول الوقت يقرأ ويكتب ويتابع اخبار العالم اول بأول ، وكان له تعليقاته ورائيه الذى لا يختلف معه آحد كما لو كان باحث سياسى له تاريخ ..!

وبدأنا فى كتابة  ( الراوية  ) الكبيرة سراً  ، حتى لا تعلم إدارة السجن فيقودونى الى الهلاك ويعاقبونى فالكتابة عن ( نخنوخ ) تعد من الكبائر فى السجن ، لأنه مراقب طوال الوقت ، بينما هو لم يعطى لهم الفرصة مطلقاً كى يمسكوا عليه ولو غلطة واحدة .. !

وبدأت بالفعل الكتابة ,, هو يحكى وانا اكتب .. وانتهيت من كتابة الرواية كاملة ومنحته نسحة منها .. لكن رئيس المباحث  المقدم ( أشرف خفاجة ) علم بالموضوع  ، عن طريق مخبر تافه  ، وجزانى  ( خفاجة ) بدخولى  زنزانة التأديب  وبعدها سكنى الدواعى لمدة شهر .. ذقت طعم الظلم والهوان والأهانة البدنية والنفسية ، وخرجت مريض بمرض جلدى وآخرى فى الآذن اليمنى ومازلت اعالج من مرض الآذن  .. لكنه لم يتركنى وقتها  .. سعى جاهداً لأخراجى واعادتى إلى زنزانتى الآصلية وتم ذلك .!

الحق أقول  : ان المعلم  ” صبرى نخنوخ  ” كما اطلق عليه السجناء رجل لم ارى مثله من قبل .. فى نبل اخلاقه وتدينه وحرصه على عدم الكذب وقول الصدق .. وحينما سألته ..

هل انت متدين  بتصلى يعنى .؟

قال .. انا لم دخل كنيسة عمرى ..!

قولت له : لكن اخلاقك دى تعبر عن رجل متدين ويخاف الله .. ابتسم وقال مين مابيخافش من ربنا يا استاذ .؟

وسألته  مرة آخرى  : لماذا حرصك على ان نكتب المشاهد الدقيقة  فى ارواية وبدون مبالغة ..؟

قال : الناس عرفانى و انا مابحبش الكدب  ولا المبالغة ولا صناعة حدث غير موجود فى حياتى .. !!

قولت  : يعنى حضرتك بتهمنى بالكدب .؟

قال فى أدب جم .. لا بس انت ساعات بتبالغ  شوية ومخلينى رامبو  .. وانا انسان بسيط جداً .!

قولت  : ده تواضع منك وبساطة انت هو اللى بكتبه يامعلم بالظبط .. وكمان لابد ان يكون هناك ( حبكة درامية ) .

قال : لا اكتب الحقيقة بكل بساطتها  ده يسعدنى ..!

ولبيت طلبه لكنى لم امنع نفسى من اضافة بهاراتى ( كأديب ) يعرف بأحساسه مالم يحط به علماً .!

وانتهيت من الكتابة وكانت قصة المعلم وش الخير عليا .. لأنها كانت فتح الباب لأستكمال اعمالى داخل السجن .!

انى لآتذكره بكل خير .. ونويت بينى بين نفسى حينما اخرج من السجن ..  لأقوام الدنيا ولا اقعدها دفاعا عن هذا الأنسان .. كنت سأقاتل من اجله ومن اجل  الدفاع عنه .. فكيف لرجل دافع عن الوطن وحارب الأرهاب ان يكون جزائه السجن ..!

كيف لم يلتفت الرئيس السيسى لمثل هذا الرجل ..؟ولماذا تركوه هكذا يتألم ويتجرع الحسرة من حجم الظلم والتلفيق الواقع عليه ..؟

لكن القدر كتب له الخروج من السجن قبلى .!

 

ينبغى ان يعرف الرأى العام ان مثل هذا الرجل لم يكن بلطجى او مافيا كما وصفوه .. اننى لم اجد احن من قلبه على الناس .. كان يساعد الكل .. بل كان مؤسسة انسانية وحقوقية تمشى على الأرض ، حتى فى عز محنته وضيقته  .. يساعد المساجين فى الزنازين واسرهم فى الخارج .. ينفق على كل محتاج .. يسدد الغرامات  ، ويدفع الكفالات  ، ويدعم بالدفاع  على كل مسجون يطلب المساعدة ، وانا واحد منهم لقد ساعدنى وساعد اسرتى شهور بواسطة اخية المحترم ..  المعلم ( سعيد نخنوخ ) الذى  قدم الكثير والكثير من آجل الناس .. !

نعم لقد فعل الكثير مع الناس ،  وهذا حق وصدق وللتاريخ .. لأنه كان سفيره ومانح الخير لكل من يدعوه لمساعدته ، ولا يتآخر ولا يتوانى لحظة فى السعى الدؤب لحل مشاكل السجناء ، انه ( المعلم اخو المعلم ابن المعلم )  .. ان تلك العائلة لهى شرف  لولاد البلد الجدعان ولمصر .. ولقد شرفوا المصريين بمواقفهم الأنسانية والرجولية حتى خارج مصر .. يكفى ان المعلم ( صبرى نخنوخ ) لم يظلم آحد وانا على ثقة مما اقول  هو حقيقة لا إدعاء .. كان يقف ضد الظلم .. ضد السلب والنهب ويعيد للناس حقوقهم مجاناً لوجه الله تعالى .. لذا كان الله بجواره واخرجه من محنة كبيرة ، وهى السجن  ..  ولم يصدق آحد انه سوف يخرج .. بينما هو كان على ثقة فى ربه وفى نفسه وفى رجاله اللى هما ماليين الأرض .!

ولى رسالة اوجهها  له للمعلم صبرى نخنوخ  .. بل هو رجاء ونداء من زميل السجن الى زميله سواء فى السجن فى الصحافة .. لابد ان تفرج عن رواية ( ليلة القبض على نخنوخ ) .. لأنى على ثقة فى انى سأكتب قصة وسيناريو فيلم كبير يحمل اسم ( نخنوخ ) .

وللحديث بقية .

عن Alex

شاهد أيضاً

أحمد بكر سليم يكتب :*السادات* كان يتوقع اغتياله بالوثائق وبالمستندات  ..!

القاهرة اليوم    *السادات* كان يتوقع اغتياله بالوثائق وبالمستندات  ..! اهناك فرق بين الضمير والعقل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*