أخبار الشرق الأوسط :
بقلم : إسماعيل جمعة :
شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى على أنه يقف فى موقعه رئيسا للدولة بإرادة مصرية، و مؤكدا أنه إذا لم تكن تلك الارادة موجودة فإنه لن يتردد فى تركه فورا، وأكد أن مصر بذلت جهودا كبيرة فى إطار حقوق الانسان، مشيرا إلى أن حقوق الإنسان ليست فقط حرية التعبير والرأى ولكن مفهومها أوسع وأشمل، مؤكدا أن نجاح الدولة فى بناء 250 ألف شقة سكنية مجهزة ونقل 250 ألف أسرة كانوا يعيشون فى سكن لا يناسب البشر، فى نفس الوقت الذى نحارب الارهاب منفردين، يمثل جهدا كبيرا تقوم به مصر فى هذا المجال.
وعدد الرئيس الجهود التى تقوم بها مصر وذلك خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده أمس بقصر الاتحادية عقب انتهاء مباحثاته مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مشيرا إلى أن علاج 120 ألف مواطن كانوا على قوائم الانتظار فى الجراحات الكبري، يمثل أحد أهم حقوق الإنسان وهو الحق فى العلاج.
وأكد الرئيس أن مصر لن تقوم بالمدونين، ولكن تقوم بالبناء والجهد والعمل ومن خلال تصحيح المسارات الاجتماعية وترسيخ مفهوم المواطنة وتصويب الخطاب الدينى من الانحراف، وأكد ان هذا ليس كلاما ولكنها ممارسات مصر تقوم بتنفيذها.
وقال الرئيس انه بدلا من سؤاله عن حق المدونين فإنه يسأل كيف يتم توظيف مليون خريج كل عام، وكيف يتم توفير متطلبات الحياة الكريمة الى نحو مليونين ونصف المليون طفل يولدون كل عام، مؤكدا أنه لا يوجد ما نخجل منه ولكننا نقود بلدنا بالأمانة والشرف والعزة، مشيرا الى أن مصر تقوم بعمل حملة هى الأضخم على مستوى العالم للكشف على 55 مليون مصرى من فيروس سى وعلاج المصابين منهم.
وقدم الرئيس الشكر الى الرئيس ماكرون على اهتمامه بأمن واستقرار مصر، موضحا أن حقوق الإنسان فى مصر ليست مثل أوروبا ولا أمريكا نظرا الى وجود خصوصية للمنطقة التى توجد بها مصر بالكامل، حيث كانت هناك مخططات لإقامة دولة دينية فى مصر إلا أن تلك المخططات قد باءت بالفشل، مؤكدا أن التنوع الانسانى الموجود فى العالم هو أمر طبيعى ومستمر، ومشيرا الى أنه من الإنصاف وضع عدد سكان مصر فى الاعتبار عند الحديث عن حقوق الإنسان، مؤكدا أن مصر تكفل بالقانون والدستور الحق فى التعبير عن الرأى والتظاهر.
وقال الرئيس أن هناك 45 ألف منظمة مجتمع مدنى تعمل فى مصر تحت مظلة قانونية، وأن مصر تسعى حاليا الى عمل قانون جديد يوفر المناخ الجيد لعملهم، ولا يصح أن نختزل حقوق الانسان فى حقوق الرأى لأن الرأى شيء وهدم الدول شيء آخر، وطرح الرئيس سؤالا للجانب الفرنسى قائلا.. «ماذا كنتم ستفعلون لنا إذا سقطت الدولة المصرية»؟، وطالبهم بالنظر الى مصر بعيون مصرية وليست بنظرتهم الأوروبية التى قد لا تتناسب معنا.
وشدد الرئيس على أن الشرطة المصرية لا تتعامل مع المتظاهرين بالعنف أو القوة مؤكدا أن التظاهر حق يكفله القانون والدستور، ومشيرا الى أن هناك حالة من الفوضى خلال عامى 2011 و2012 وجزء من 2013، ولا يمكن أبدا استخدام السلاح الا فقط ضد العناصر المتطرفة التى ترفع السلاح ضد قوات الشرطة والجيش، مشيرا الى أن أعدادا ضخمة من الأبرياء يسقطون نتيجة وجود هؤلاء المتطرفين ومذكرا بسقوط نحو 100 مواطن فقط فى استهداف 3 كنائس، ومئات الضحايا فى استهداف مسجد واحد، مشيرا الى أن التظاهر حق يكفله الدستور والقانون، وأن المعدات التى تحصل عليها مصر من الجانب الفرنسى تستخدم فى مكافحة الإرهاب، ولا تستخدم ضد المواطنين العزل.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس فى المؤتمر الصحفي:
“فخامة الرئيس والصديق العزيز إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية”
الحضور الكريم
أود بدايةً أن أعرب عن ترحيبى الشديد بفخامة الرئيس «إيمانويل ماكرون» والوفد الرسمى المرافق له، حيث يحل سيادته ضيفاً عزيزاً على مصر فى زيارته الأولى كرئيس للجمهورية الفرنسية، وذلك فى ضوء علاقات الصداقة الممتدة والشراكة الإستراتيجية القائمة بين مصر وفرنسا، وهى صداقة تستند إلى تاريخ طويل من المصالح المتبادلة والتفاعلات الإنسانية والحضارية بين شعبينا منذ قرون، عزز من عمقها ما شهدته علاقات البلدين فى السنوات القليلة الماضية من زخم متواصل على أصعدة التعاون فى جميع المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، والمستوى الرفيع من التنسيق إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
لقد استعرضت مع فخامة الرئيس «ماكرون» مختلف أوجه التعاون الثنائي، وكذلك شهدنا معا مراسم التوقيع على عدد متنوع من الاتفاقات ومذكرات التفاهم للتعاون فى مجالات متعددة كالنقل والصحة والثقافة والتعليم والشباب، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم لتأسيس شراكة استراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية خلال الفترة 2019-2023 بقيمة مليار يورو.
كما مثل لقاؤنا اليوم فرصةً مهمةً لاستعراض أهم خطوات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الشامل الذى تنفذه مصر منذ عام 2016، بهدف معالجة الاختلالات الهيكلية التى يعانى منها الاقتصاد المصرى منذ عقود، وهو البرنامج الذى يحظى بإشادة مستمرة من مؤسسات التمويل والتصنيف الائتمانى الدولية، حيث اتفقنا على ضرورة إعطاء دفعة قوية للتعاون فى المجالات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة لتعكس مكانة وتميز العلاقات السياسية والإستراتيجية بين مصر وفرنسا.
ومن هذا المنطلق، أكدتُ لفخامة الرئيس ترحيب مصر بالشركات الفرنسية وتعظيم مشاركتها فى المشروعات القومية العملاقة واستفادتها من الفرص الواعدة فى شتى قطاعات الاقتصاد المصري، فضلاً عن حرصى الشخصى على دعم ودفع الاستثمار الأجنبى فى مصر عامة والشركات الفرنسية على وجه الخصوص، كما أبديت تطلعى واهتمامى لأن يسفر منتدى الأعمال بين رؤساء كبرى شركات القطاع الخاص فى البلدين، عن نتائج إيجابية تسهم فى تعظيم المصالح المتبادلة بين بلدينا.
ولقد ناقشنا أيضاً بإسهاب سُبل تعزيز التعاون الثقافى والتعليمى بين مصر وفرنسا فى ظل احتفال البلدين بعام 2019 كعام للثقافة المصرية الفرنسية، وفى ضوء التأثير المتبادل للتراث الحضارى لكلا البلدين على الحياة الثقافية والاجتماعية للشعبين المصرى والفرنسي؛ فالنخبة المصرية المثقفة تأثرت بكتابات مفكرى عصر النهضة الفرنسية، كما أن الشعب الفرنسى والرئيس ماكرون ذاته لديهما ولع بالحضارة المصرية القديمة، ولا ننسى هنا إسهام علماء فرنسا فى كشف أسرار وفك رموز حضارتنا الفرعونية العريقة.
فخامة الرئيس
الحضور الكريم
لقد شهدت محادثاتنا كذلك اتفاقاً فى الرؤى بشأن أهمية الاستمرار فى مواصلة العمل لمكافحة ظاهرة الإرهاب البغيض الذى يستهدف أمن الدولتين ومصالحهما على حد سواء، وبالتالى يمثل تهديداً مباشراً لجهودنا فى تحقيق متطلبات التنمية المستدامة، والتحدى الأكبر على درب تحقيق رخاء شعوبنا.
كما شملت محادثاتنا حواراً إيجابياً حول الأوضاع الراهنة لحقوق الانسان فى بلدينا ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، حيث أكدتُ الأهمية التى توليها مصر لهذه المبادئ والقيم التى ترسخت عالمياً، باعتبارها مكوناً رئيسياً فى جميع الجهود المبذولة لانطلاق شعب مصر نحو التقدم والازدهار. إن مؤسسات المجتمع المصري، بجميع أشكالها التنفيذية والتشريعية والقضائية والمدنية، تتضافر جهودها لتطوير منظومة حماية حقوق الإنسان من منطلق فهم معمق لعوامل التاريخ والحضارة والتراث التى تقود إلى حركة التطور الطبيعى للمجتمع وفقاً لدرجة امتلاكه العناصر اللازمة التى تدفعه من مرحلة إلى أخرى اتساقاً مع تطلعاته الوطنية ومسئولياته الإنسانية.
ولا تخفى هنا ضرورة التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، لأن جميع تلك الحقوق متشابكة ومتداخلة وتعزز بعضها البعض بحيث لا يمكن تجزئتها؛ فالحق فى الحياة، والأمن، وحرية الرأى والتعبير، والتنمية بما يشمل الحصول على غذاء ورعاية صحية وتعليم ومسكن لائق، إنما هى حقوق توليها مصر أولوية كبيرة انطلاقاً من مسئوليتها تجاه مواطنيها والتزاماً ببنود الدستور التى تعد أساساً راسخاً لحماية حقوق الإنسان، وأن الشعب المصرى صاحب الحق فى تقييم مدى ما يتمتع به من حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية. كما يجدر بنا فى هذا المقام تأكيد ضرورة ألا تثنينا التحديات التى تواجهنا سواء بالمنطقة أو أوروبا، من انتشار لظاهرة الإرهاب وزيادة معدلات الجرائم المرتبطة بالعنصرية وكراهية الأجانب، عن التشبث بمواصلة توفير الحماية والتقدم لمواطنينا.
من ناحية أخري، فقد استعرضنا أيضا تطورات الأوضاع الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة فى ليبيا وسوريا والقضية الفلسطينية ومنطقة الساحل الإفريقي، وكذا ملف الهجرة غير الشرعية، فضلاً عن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وأولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى خلال العام الحالى وما تتيحه من فرص لتدشين تعاون ثلاثى بين مصر وفرنسا لدفع جهود التنمية فى دول القارة الإفريقية. وقد أكدت من جانبى وقوف مصر ومساندتها للجهود السياسية الرامية لتسوية النزاعات الإقليمية والحفاظ على الدولة الوطنية وسلامتها الإقليمية والحيلولة دون تفككها أو السماح لقوى خارجية باستمرار العمل على زعزعة استقرار وأمن المنطقة تحقيقاً لأهدافها الايديولوجية أو مصالحها الضيقة.
فخامة الرئيس
أرحب مجدداً بكم فى مصر، وأكرر الإعراب عن تقديرنا للدعم الذى تقدمه فرنسا والتطور المتسارع والمثمر الذى تشهده علاقاتنا الثنائية فى شتى المجالات.